تحكيم

عانى من الإقصاء, لماذا انتهج الدعمي نفس السياسة وفوّت على نفسه فرصة دخول التاريخ؟

لقد تعفّن المشهد التحكيمي في الآونة الأخيرة بصفة فاقت كل التوقعات ما جعل الجميع يصاب بالدهشة وذهول لا مثيل له خصوصا الرأي العام الرياضي الذي كان خال الذهن عما يحصل في قطاع التحكيم, فإذا به بين يوم وليلة يكتشف أسرارا و"خنارا" ما أنزل به الله من سلطان. لقد تم تجاوز كل الخطوط الحمراء حتى أصبحنا نشاهد مباشرة على الشاشة أبناء العائلة الواحدة يتبادلون التهم والشتائم ويتطاول الحكم على المسئول وهذا الأخير يرد الفعل وبنزل من مستوى المسئول إلى مستوى منظوره والحال يقتضي عدم المواجهة بتلك الطريقة. هناك نواميس وإجراءات إدارية كان يجب اتباعها في مثل هذه الحالة.

لقد عايشت شخصيا وعلى امتداد أكثر من 4 عقود قضاة الملاعب ولم يسبق وأن نزل المستوى إلى هذا الحضيض .. منذ القدم, كانت هناك صراعات خفية وحتى علنية بين الحكام ولكن ليس بمثل هذه الدرجة. أصبح المنتمون للعائلة الواحدة يتنكرون تحت أسماء مستعارة وأنشأوا صفحات للتشهير بخصومهم الذين كانوا في وقت قصير سابق زملاءهم حتى لا نقول أصدقاءهم.

في ظل هذا المشهد القاتم وشديد السواد, اخترت عدم الكتابة والتعليق عما بحدث وما يكتب ويقال هنا وهناك ولم أبد رأيي في تركيبة الإدارة المؤقتة وقد تكون دائمة مثل ما هو الشأن بالنسبة للإدارة السابقة نظرا لضمها اسماء كبيرة تعتبر ذات قيمة في التحكيم التونسي. فهي منتوج محلّي ولم يقع استيراده ونعرفه جيّدا. وعندما نبدي رأيا, فذلك يتعلّق بالعمل المنجز وليس بالشخص.

لقد بلغ إلى مسامعي في الأيام الأخيرة أن التواصل بين أعضاء الإدارة يكاد يكون منعدما وعديد المعلومات يطّلعون عليها بوسائل الإعلام مثل كل شخص آخر حتى فحوى اجتماع لجنة المتابعة بالحكام الذين تمت دعوتهم للاستماع إليهم بخصوص ما ارتكبوم من أخطاء لا تعلم عنه لجنة التعيينات شيئا وهو ما يجعلها في حيرة من أمرها. هل تواصل التعويل عليهم أم تعطيهم نصيبا من الراحة. كما أن التعامل مع بعض الوجوه التحكيمية "المعروفة" وعدم احترام تاريخها يدعو للتعجّب لأن مراد الدعمي حال تسلّمه المسؤولية صرّح أنّه جاء لتلبية الواجب الوطني وسيعمل على لم الشمل وعدم انتهاج سياسة  الإقصاء التي عانى منها طويلا سواء في العهد السابق أو العهد الانتقالي الذي آل إليه في نهاية الأمر. غير أنّه لم يلتزم بوعده واتهج بدوره ما كان يعاني منه بإقصاء خصومه السابقين واللاحقين ففوّت على نفسه فرصة الظهور بمظهر "الرجل الشهم المجمّع" وكما يفال "يشكّب" على الجميع.

فمحمد الدبابي مثلا اختار العودة للتقييم وهو نفس الخيار الذي اخذه فتحي بن سالم و ماجد رحومة الذين قرروا  في عهد ناجي الجويني عدم الانخراط بمحض إرادتهم ولكن فور استقالة هذا الأخير,سجلوا انخراطهم منتظرين تعيينهم ولكن هبهات. الدعمي رفض ذلك متعللا بالقول انهم لم يقوموا بالانخراط منذ اول الموسم ولكن شكري سعد الله وهشام قيراط  و محمد علي السليني والحاج زهير العريبي وعبد العزيز الحمروني لم ينخرطوا منذ اول الموسم لعدم مشاركتهم في الاختبارات التقييمية .ومع ذلك, يتم تعيينهم باستمرار وهو نفس الشيء بالنسبة لعدد من الحكام واخرهم العائد محمد شعبان. فلماذا الفيتو أمام الثلاثي محمد الدبابي و فتحي بن سالم وماجد رحومة؟ أ لا يعدّ هذا إقصاء؟ أ لا يفتح هذا التصرّف الباب أمام الملاحظين وخصوصا المناوئين للدعمي كي يتّهمونه بالانتقام؟

الحاج زبير نويرة أصر على معرفة سبب عدم التعويل عليهم, إلا أن  مراد الدعمي أجاب أن يكون ذلك في مرحلة الإياب  ما جعل الحاج يستغرب الأمر قائلا " ومن يضمن بقاءهم في الإياب؟"

طبعا لن نتحدّث عن عدم تعيين أعضاء لجنة ناجي الجويني لأن المسألة محسومة ولا تستحق التعليق ولو أن مراد كان بإمكانه إكمام كل الأفواه لو ... مراد فوّت على نفسه فرصة دخول التاريخ.