خصّ العجوز الفرنسي برران مارشان جريدة "الصحافة اليوم" بحوار حصري من فرنسا في أول ظهور إعلامي له بعد تعيينه رسميا كمدرب للإفريقي حيث تحدث عن كواليس المفاوضات وعلاقته برئيس النادي يوسف العلمي، مارشان قيّم أيضا الرصيد الحالي وكشف حظوظ الإفريقي في التتويج الموسم القادم بالإضافة إلى عديد المواضيع الأخرى التي تكتشفونها في الحوار التالي.
كيف انطلقت المفاوضات بينك وبين هيئة العلمي؟
لم تستغرق المفاوضات وقتا طويلا بيني وبين هيئة الافريقي على اعتبار أنني سبق لي العمل مع عديد المسؤولين، حيث تلقيت اتصالا هاتفيا من رئيس النادي ثم جمعتنا جلسة مطولة تحدثنا خلالها في جميع الجزئيات والتفاصيل ولمست أنه ثمة مشروع رياضي ضخم تنوي الهيئة المديرة إرساء وهذا المشروع يتماشى مع تصوراتي وأفكاري التكتيكية. هناك إستراتيجية كاملة للنهوض بالشبان وبعث مدرسة كرة قدم وعديد التصورات الأخرى التي يجب بلورتها في الوقت القادم لكن الثابت أنني متشجع جدا لتجديد العهد مع الحديقة أ وأجواء المركب الذي غبت عنه لسنوات عديدة ثم عدت إليه في الفترة القليلة الماضية عند جلوسي إلى رئيس النادي وقد انتابني شعور غريب. من المهم أن يعود الإفريقي وإدارته إلى حديقة النادي التي تجمع جميع الأطراف وتعكس هوية الفريق وتاريخه الكبير.
كيف هي علاقتك بيوسف العلمي؟
أكثر من ممتازة أعرف يوسف منذ سنوات طويلة وسبق لنا العمل سويا موسم 2017-2018 حيث كنت مدربا للإفريقي وكان وقتها رئيس فرع مع الهيئة التسييرية بعد مغادرة سليم الرياحي، العلمي لم يتغير كثيرا عمّا عهدته هو شخص يحب الإفريقي حتى النخاع ومستعد للتضحية بالغالي والنفيس من أجله لكن دائما العقبات المالية تمثل العائق الأكبر أمام هذه الهيئة التي وجدت "تركة" كبيرة لا يمكن لها التخلص منها لوحدها بل بتكاتف مجهودات جميع الأطراف. في النسخة الحالية للإفريقي يوجد مسؤولون يعملون ليلا نهارا من أجل غلق عديد الملفات وحلحلة المشاكل التي كان اخرها التهديد بعدم الحصول على الاجازة الافريقية بسبب الديون قبل أن يتم غلق هذا الملف بنجاح وهناك ملفات أخرى في الطريق تتطلب التسوية ما يجعل الهيئة دائما في وضع لا يحسد عليه.
كان من المفترض تعيينك مديرا فنيا أو مديرا رياضيا في البداية لنجدك مدربا أولا، ما الذي تغيّر في الأثناء؟
هذا صحيح حيث تم عرض منصب المدير الفني أو المدير الرياضي أو ما يسمى المسؤول الأول عن فرع كرة القدم سواء أكابر أو في الأصناف الشابة ضمن تصور أوروبي وبرنامج عمل ثري خصوصا فيما يتعلق بالشبان قبل أن تتغير المعطيات لاعتبارات عدة وتتحول المفاوضات بخصوص خطة مدرب أول لصنف الأكابر. لا يمكن لأي مدرب عاقل أن يرفض تدريب النادي الافريقي فهو شرف لجميع الفنيين ومغامرة دائما ما أريد خوضها، الطريف أنني كنت في عديد المناسبات قريبا من العودة إلى الفريق لكن في كرة مرة تنقلب المعطيات في الأمتار الأخيرة فحاولنا التكتم بخصوص المفاوضات حتى نهايتها بهدف أن لا يسقط كل شيء في الماء (ضاحكا).. أتذكر أنني كنت قريبا من تدريب النادي الافريقي فترة رئاسة عبد السلام اليونسي للفريق لكنه عدل عن تعييني لأسباب أجهلها ويبدو أنه لحسن حظي أنني لم اعمل في تلك الظروف واليوم أجدد العهد مع الفريق في ثالث تجربة تدريبية تختلف فيها السياقات والهدف واحد وهو إعادة النادي إلى مكانه الطبيعي عبر تكوين فريق قادر على المنافسة "بالموجود" ولعب الأدوار الأولى.
ماذا عن تركيبة الإطار الفني؟
مازلنا لم نحسم تركيبة الإطار الفني ولا أرغب في كشف الأسماء قبل الإتفاق بشكل رسمي لكن المؤكد أن المدرب المساعد خليل بن يوسف سيحافظ على مكانه في الطاقم الفني الجديد فيما تتواصل النقاشات بخصوص بقية الأفراد فيما يمكن التأكيد أننا سنركز على الجانب البدني كثيرا حيث لمست بعض النقائص من خلال مشاهدتي للمقابلات الموسم الماضي ويفترض أن يتعزز الطاقم الفني بأكثر من إسم في الإعداد البدني على أن تكون الأيام القليلة القادمة كفيلة بإيضاح الصورة في هذا السياق وستعلن الهيئة المديرة عن كامل تركيبة الإطار الفني في الوقت المناسب.
ماهي الأهداف التي رسمتها مع الهيئة للموسم القادم؟
النادي الإفريقي فريق كبير في تونس وإفريقيا وقدره لعب المراتب الأولى في كل موسم مهما كانت الظروف، بصفة خاصة موسمنا سينطلق من خلال خوض الدور نصف النهائي لكأس تونس ونحن على بعد خطوتين فقط من تحقيق اللقب الذي قد يكون فاتحة خير بالنسبة إلى الموسم الجديد .. سنحاول بكل الوسائل أن ندافع عن حظوظنا في التتويج بلقب الكأس بهدف تحقيق بداية مثالية في البطولة فيما بعد، سنلعب المراتب الأولى في البطولة وبأي شكل من الأشكال غير مسموح لنا الحصول على مركز أقل مما حققته المجموعة الموسم المنقضي.
وماذا عن المشاركة الإفريقية؟
من النقاط المضيئة هذا الموسم هو ضمان المشاركة في كأس الكاف بعد الحصول على المركز الرابع، العودة إلى الواجهة إفريقيا ستفيد الافريقي وتمنح المجموعة خبرة أكثر لكن الأمر معقد كثيرا ولا يمكننا المشاركة فقط من أجل المشاركة كما أن الرصيد الحالي سيتحمل مسؤولية أكبر منه بكثير حيث لا يمكن لأي فريق أن ينافس محليا وإفريقيا برصيد بشري محدود ما يجعلنا أمام ضرورة إبرام تعاقدات جديدة في وقت تسلط على الفريق عقوبة المنع من الانتداب التي يتوجب من أجل رفعها خلاص مبلغ كبير جدا فضلا عن تخصيص ميزانية من أجل الانتدابات. لا أريد الغوض كثيرا في هذه التفاصيل حتى لا يفهم كلامي على أنني أعقّد الأمور أكثر فأكثر لكن يجب مصارحة جميع الأطراف وأن نضعها أمام مسؤولياتها التاريخية تجاه النادي.
عندما جئت إلى الإفريقي لم أقدم شروطا للعمل لأنني أعرف أن الوضع الذي يمر به النادي استثنائي بجميع المقاييس ورغم ذلك فإن الهيئة المديرة تسعى جاهدة لتوفير كل ظروف النجاح وأنا أثق فيها وهذا مهم. إذا نجحنا في رفع عقوبة المنع من الانتداب سنقوم ببعض الصفقات الموجهة لمراكز تشكو نقصا فادحا وإذا لم ننجح في ذلك فسننتظر الميركاتو الشتوي وسنبدأ العمل بالموجود.
أيعني ذلك أن الإفريقي لا يمكنه الذهاب بعيدا بالمجموعة الحالية؟
لم أقصد هذا بتاتا لكن اللعب على واجهات مختلفة والرغبة في الذهاب بعيدا في البطولات يستلزم رصيدا بشريا ثريا وأكثر من لاعب في جميع المراكز حتى تتم المداورة في المجموعة ونريح بعض الأسماء لأن المجموعة الحالية ستضحي كثيرا بدنيا وفنيا إذا ما لعبت البطولة وكأس الكاف دون تعزيزات أخرى. يملك الإفريقي مخزونا فنيا مهما في شبانه وهناك عديد الأسماء التي يمكن لها التطور وأن يصبح مستواها أفضل بكثير من الوقت الحالي لكن ما يثير إستغرابي هو عدم العمل على تطويرها في الماضي. ما أعجبني في الهيئة الحالية هو إيمانها بقدرة هؤلاء الشبان على التطور بل هناك أسماء قادرة حتى على اللعب والتطور ثم إفادة النادي من الناحية المادية، ديدي دروغبا في 2002 وقع انتدابه بـ100 ألف أورو ثم بعناه في العام الموالي بأكثر من 25 مليون أورو هكذا تتم المعاملات في عالم كرة القدم وهكذا تبنى الفرق الكبرى وتتحسن وتتطور.
لكن الإفريقي قدره اللعب على الألقاب أليس كذلك؟
هذا صحيح ولا يمكن أن ننكر هذا المعطى فأنا أدرب ثاني أكثر فريق تونسي تتويجا بالألقاب بعد الترجي وبالتالي فإن لعب الأدوار الأولى والمراهنة على الألقاب ليس بجديد على الإفريقي، لكن لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يتكلف علينا اللقب مليارات ومليارات فبطولة 2015 مثلا كبّدت النادي خطايا ومصاريف يتم استخلاصها هذا العام وفي كل مرة نجد ملفات أكثر تعقيدا هذا ما يعكس الخور وحالة التخبط التي عاشها الإفريقي إداريا وفنيا في السنوات الماضية وهذا الوضع يجب أن يتغير سريعا. الهيئة المديرة على وعي تام بأن الألقاب لا تأتي صدفة ووحده العمل قادر على تطوير المستوى الفني للفريق، حاليا نملك عددا محترما من اللاعبين الشبان بالإضافة إلى أسماء الخبرة التي تملك مستوى فنيا محترما على غرار الذوادي وصابر خليفة والغندري والعزوني وغيرهم وبالتالي فإن إيجاد التوليفة المناسبة بين هذه الأجيال سيكون مفتاح السر بالنسبة إلى الموسم القادم.
سبق لك تدريب الإفريقي في مناسبتين فأي من التجارب الأقرب إلى وجدانك؟
دون شك التجربة الأولى في 2005 لا يمكن نسيانها وهي الأقرب رغم أننا حققنا نجاحات كذلك مع الهيئة التسييرية، عام 2005 كان موسما إستثنائيا بكل المقاييس حيث جئت في ظروف مماثلة لما نعيشه اليوم وكانت أغلب عناصر الرصيد البشري من الشبان أتذكر وقتها وسام بن يحيى والذوادي والهيشري والورتاني وعديد الأسماء الأخرى التي مثلت فيما بعد العمود الفقري للإفريقي لسنوات. في ظروف مشابهة نجحنا في تكوين نواة فريق مميز فنيا وبدنيا يجمع بين بعض عناصر الخبرة وهوية شابة لمعظم المجموعة التي واصلت المنافسة إلى الأمتار الأخيرة ثم نجحت بعد خروجي في التتويج بالبطولة بعد سنوات طويلة من الغياب عن منصات التتويج.
لن أقول أنني أسعى لإعادة السيناريو ذاته لأن التاريخ لا يمكن أن يتكرر مرتين لكن هدفنا بالفعل هو تكوين فريق قادر على الذهاب بعيدا في المنافسات المحلية والإفريقية ولعّلنا نصطدم بمفاجأة في الأيام القليلة وقد تزّف الهيئة خبر النجاح في رفع عقوبة المنع من الانتداب ولو أنها لن تغيّر كثيرا لأننا نحتاج فقط لتقوية بعض المراكز بما أن المحافظة على جميع العناصر في الرصيد البشري الذي أنهى الموسم هو أولوية قصوى بالنسبة إلينا.
رسالتك إلى الجماهير؟
أعلم أنها سئمت طلبات الصبر والتضحية لأنها قدمت درسا في الوفاء وعدم النكران للألوان ولولا وقوفها سندا كبيرا لضاع النادي الإفريقي في متاهات لا يمكن الخروج منها، أعدها بالعمل وتطوير مستوى المجموعة الحالية وسنبذل قصارى جهدنا خلال فترة التحضيرات من أحل الظهور بوجه مميز في أول لقاء رسمي. فترة التحضيرات ستكون أغلبها في الحديقة والمؤكد أن الجماهير ستكون حاضرة لتقديم الدعم المعنوي اللازم ونحن نعدها بأن نكون عند مستوى الثقة وأن نكرر النجاحات بذكريات الماضي حيث أنني مازلت إلى اليوم غير قادر على محو فرحة دربي موسى بوكونغ والمشاهد التي علقت بذهني من ملعب رادس إلى الحديقة أ حيث كان احتفالا شعبيا بامتياز في شارع الحبيب بورقيبة، كذلك في اخر تجربة لي مع الإفريقي انتصرنا في أغلب المواجهات المباشرة ضد الفرق الكبرى وقدمنا مباريات محترمة والمؤكد أننا قادرون على تقديم الإضافة وسنعمل على أن نكون في مستوى ثقة كل الأطراف.