وأخيرا عاد الدرّ إلى معدنه. فبعد فترة جفاء وعداء وتوتّر في العلاقة مع أصدقاء الأمس, عاد الحكم الدولي السابق صاحب الرقم القياسي في المشاركات الدولية من الحكام التونسيين إلى المنظومة التحكيمية التي طالما انتقدها بشدّة. هي عودة تدريجية. البداية كانت بغض الطرف عن تعيينه مراقبا بالاتحاد العربي لكرة القدم الذي يؤمّن فيه الدكتور وديع الجريء العضوية ثم الموفيولا التي لم يكن مسموحا له بالعمل بها دون مصادقة الدكتور الذي أغمض عينيه عن كل ما قيل فيه وكتب عنه وعيّن مراد الدعمي نائبا بالإدارة الوطنية للتحكيم مكلّفا باكتشاف المواهب. وها أن رئييس لجنة المراقبين شكري سعد الله يعيّنه متفقدا لطاقم التحكيم الذي سيدير لقاء القمة بالمجموعة الأولى للرابطة 2 في جولتها السادسة بين أولمبيك سيدي بوزيد والأولمبي الباجي والذي يقوده الحكم الدولي نعيم حسني. وهذا التعيين لم يكن بقرار من سعد الله, بل بمصادقة من الجريء.
الدعمي يعود للميدان بعد العودة للإدارة والقادم أفضل. فربّما يقع لإسناده لاحقا مركزا أهم من مركزه الحالي وقد يعود للمراقبة على المستوى الإفريقي والذي لك يعد لنا فيها سوى ممثل وحيد وهو العضو الجامعي بوصيري بوجلال.
إن من تابع كتابات الدعمي في فترة ابتعاده عن قطاع التحكيم يستغرب هذه العودة ويكيل له في السر وفي الزوايا المغلقة التهم. ولكن, هل نسيوا المثل الفرنسي القائل "وحدهم الأغبياء لا يغيّرون رأيهم". والدعمي حسب ما يبدو ليس غبيا بما أنه غيّر رايه. لقد فهم وبصفة متأخّرة أن حربه مع وديع الجريء خاسرة وهو ما جعله يستسلم ويلقي سلاحه. رأى الجميع يأكل نصيبه من الكعكة وهو يتفرّج مكتفيا ب"المكرّك". عاد له الوعي واقتنع أنه لا فائدة من محاربة منظومة عجز عن محارتها أباطرة القوم. اصطف مع الجميع ليأكل قطعة من الكعكة.
عندما أكتب هذه الكلمات, لا ألوم الدعمي على تغيير موقفه. فهو حرّ في مواقفه وأدرى بمصالحه. هي مجرّد ملاحظات عابرة حتذمها الحدث "السعيد" بعودته للميدان لأنه حتما يفيد بخبرته التحكيم دون أي اعتبارات أخرى.
هل نلوم الدعمي ولا نلوم الذين سيحكمون البلاد من النهضة وقلب تونس الذين كالوا لبعضهم ما شاء الله من التهم ومن التشويه ثم وضعوا اليد في اليد ليدوسوننا؟